إرنستو يعود لكامب نو .. سلحفاة تشافي أفضل بمراحل من أرنب فالفيردي!
عجلة الزمن تدور، وما كان يومًا مشروعًا ناجحًا تحول إلى عشوائية مقيتة تنتظر لمحات فنية فردية بين الحين والآخر.
دارت عجلة الزمن مرة أخرى، وبدأت العشوائية تؤدي إلى الفوضى والفوضى إلى العجز والعجز إلى الفشل ليبدأ الجميع بالتفكير في العودة إلى المشروع وإعادة البناء دون انتظار اللمحات الفردية.
إنّها حكاية برشلونة عبر التاريخ الحديث، مشروع يؤدي إلى نجاح ثم عشوائية تعود بالفشل ثم عودة من جديد لمشروع ناجح، بداية من كرويف وفان خال ثم سنوات الإحباط وجاء ريكارد ثم أخفق في أخر موسمين وبعدها بيب جوارديولا وتراجع بعد رحيله لموسمين ثم إنريكي ومحاولة لم تكتمل لبناء مشروع ناجح وصولًا إلى فوضى فالفيردي!
جوان لابورتا، رئيس برشلونة، هو أحد هؤلاء الذين يؤمنون بالمشروع، ولذلك استقدم تشافي هيرنانديز وراهن عليه لإعادة بناء النادي الكتالوني وإعادته مجددًا للواجهة، ومع بداية الرحلة شاهدنا كل الدعم لمشروع ابن النادي.
اليوم، مدرب المشروع يواجه مدربًا جاء في ظروف صعبة أجبرته أن يكون موظفًا في برشلونة يقوم بتسيير الأعمال فقط وفقًا لما أتاحته له الإدارة، تشافي ضد إرنستو فالفيردي!
مدرب المشروع
في البداية ما الذي يعنيه مدرب مشروع؟
البعض في أوقات كثيرة يردد جملة المشروع دون معرفة ما الذي تعنيه الكلمة، فبعد الاستمتاع لفترة بما يقدمه الفريق، تعود الصيحات مطالبة بالإقالة والتخلص منه مع أول سقوط وتراجع.
مدرب المشروع هو ما يُقصد به مشاريع طويلة الأمد، تخلق أسلوبًا محددًا للفريق بأبعاد ثابتة وتفاصيل تتغير باختلاف المنافس والمواجهة، لكنّه يضع الأساس الذي يستمر حتى بعد رحيله عن النادي، وكذلك يكون بديله من نفس المدرسة.
أشهر مثال على ذلك هي مشروع كلوب مع ليفربول، الرجل الذي جاء لفريق يعاني حتى غير العديد من عناصره وأعاد صناعته على طريقة لعبه الخاصة، وجلب الصفقات المناسبة بأسعار قليلة أحيانًا وباهظة في أخرى، حتى نجح في حصد الثمار وأعاد الريدز لمنصات التتويجات محليًا وأوروبيًا.
مثال آخر هو بيب جوارديولا مع برشلونة، والذي واجه هجومًا شرسًا منذ أول يوم له في النادي بحكم قلة الخبرة، ثم ازداد الهجوم بعد البداية السيئة، لكن سرعان ما تحسنت الأمور وكوّن بعدها أحد أفضل الفرق في العالم.
الاحتفال وسط جماهيرك مختلف تمامًا 😍 pic.twitter.com/R4wNvc96Ub
— GOAL Arabia (@GoalAR) October 20, 2022
وعاد بيب لتكرار الأمر مع مانشستر سيتي، ومع موسم أول سيئ أصبح في مرمى نيران السخرية، لكنّه عاد وتفوق على الجميع وأثبت أنّه تخطيطه لم يكن لموسم جيد وفقط ولكن لبناء فريق يسيطر على الدوري الإنجليزي لسنوات وسنوات.
الشاهد في كل هذه الأمثلة أنّ الصبر عامل أساسي في بناء أي مشروع، الصبر قد يمتد لموسم أو ربما أكثر، المهم أن يحصل المدرب على الدعم والثقة وإيمان الإدارة بقدرته على تصحيح الوضع.
لا يوجد مدرب مهما بلغت قدراته قادر على خلق مشروع وهو يتعرض للهجوم مع كل تعادل أو حتى مع كل مرة يقدم الفريق مستويات أقل من المتوقع.
فالفيردي ومشاريع قصيرة الأمد
النموذج الآخر هو ما فعله إرنستو فالفيردي مع برشلونة حينما تولى الفريق بين 2017 حتى 2020.
إدارة جوسيب ماريا بارتوميو جلبت مدرب أتلتيك بيلباو لأنّه نجح في قيادة عناصر مفروضة عليه بحكم سياسة الفريق الباسكي في عدم استقدام الأجانب، وصنع فريقًا شرسًا مخيفًا خطف حتى لقب السوبر الإسباني من برشلونة.
بارتوميو كان بمثابة المشروع قصير الأمد، بمعنى أنّ المطلوب منه الاستفادة من العناصر التي كبرت في السن لخطف لقب أو اثنين، ويا حبذا لو كان ذلك لقبًا أوروبيًا.
لا يوجد مطالب معينة تخص فلسفة اللعب، ولا تأسيس فريق قادر على الصمود لسنوات طويلة، المهم حصد البطولة، ولذلك لم تجزع إدارة برشلونة في موسم 2017-2018 لأن فالفيردي نجح في الفوز بالثنائية المحلية رغم ضعف القائمة، وحتى بعد الخروج من ليفربول استمر الرهان على المشروع قصير الأمد.
آمنوا بتشافي
لو تابعنا برشلونة منذ قدوم تشافي هيرنانديز نجد أنّه فريق في مرحلة المراهقة وكبر مع بداية الموسم وصفقات الفريق ليصبح شابًا يافعًا لم يصل بعد لسن النضج.
تشافي نفسه لا يمتلك مسيرة تدريبية خارقة، ويحتاج وقت للتعلم وفهم أفضل الطرق لمواجهة المنافسين والتفوق عليهم وبالأخص في أوروبا.
ولكنّه يمتلك أفكارًا في أصلها جيدة للغاية، ونجح في تطوير العديد من العناصر ومنحهم أدورًا مركبة مميزة، والأهم أنّه أعاد الفريق للأساسيات التي يمكن عليها بناء الكثير والكثير في المستقبل.
تشافي يرتكب العديد من الأخطاء أحيانًا وهذا أمر منطقي، لكنّه يمتلك رؤية وفلسفة ورحلة يسعى للوصول إليها، ولا يطلب الكثير سوى الصبر والثقة والدعم، خاصة وأنّ الفريق بالفعل في مرحلة تحسن.
قارن بين برشلونة في نهاية 2019 ثم 2020 ثم 2021 ثم في 2022 وستعرف ما أتحدث عنه، قارن بين فريق اعتمد بصورة شبة كلية على ارتجال ميسي الفردي، وفريق يمتلك أساسًا متينًا قابل للتكرار حتى وإن اختلفت النتائج.
برشلونة أخذ عدة خطوات للأمام، وصحيح لم يصل بعد للمكانة التي يرغب في الوصول إليها ولكنّه في الطريق، لذلك اصبروا وادعموا ولا تنسوا أنّ فالفيردي جاء يومًا لأجل مشروع قصير الأمد ليحقق البطولات فقط، فدمّر شخصية الفريق أوربيًا وسبب لهم كوابيس لا تنُسى!
الأمر هنا أشبه بقصة السلحفاة والأرنب، تصور الأرنب أنّه أسرع وأقرب للفوز فتخاذل، بينما السلحفاة استمرت في طريقها رغم الضوضاء ووصلت في النهاية متصدرة!