من شرير إلى بطل.. عودة رائعة لجرانيت جاكا في آرسنال

قام آرسنال بالتعاقد مع جاكا، من بوروسيا مونشنجلادباخ في مايو 2016. وقد صرح آرسين فينجر قائلاً:" جاكا لاعب شاب مثير للإعجاب، لديه بالفعل خبرة جيدة، في دوري أبطال أوروبا، والدوري الألماني. لقد كنا نتابعه منذ فترة طويلة، الآن هو لاعب سيضيف الجودة لفريقنا".

كان جمهور آرسنال، ينادي بضرورة التعاقد مع لاعب وسط دفاعي منذ فترة، لذا كان ضم اللاعب البالغ من العمر 23 عامًا، محط إثارة كبيرة.

كانت بداية جاكا مع آرسنال ليست سهلة. حيث صرف النادي 35 مليون جنيه استرليني لجلبه من ألمانيا، وكان متوقعًا أن ينضم مباشرة إلى التشكيلة الأساسية، ولكن لم يحدث ذلك. في الواقع، بدأ في ست مباريات فقط في الدوري، قبل ديسمبر خلال موسمه الأول في إنجلترا، مما أثار استياءه بشدة.

وصرح فينجر قائلاً:" الأمر ليس عن جودته في الوقت الحالي، وهو يتكيف مع سرعة اللعب في إنجلترا. بالنسبة لي، الأمر يتعلق بتشكيل ثنائيات تعمل معًا. سيشارك في المباريات وسيصبح أقوى، وأفضل كل أسبوع. سيكون له تأثير كبير كلاعب".

أول هدف لجاكا مع آرسنال، جاء في فوز الفريق 4-1 على هال سيتي في سبتمبر 2016. بعد أن دخل كبديل في الشوط الثاني، سدد اللاعب بقوة من القدم اليسرى، وتحولت تلك الضربة القوية، من مسافة بعيدة في الزاوية العلوية للمرمى في الدقيقة الأخيرة. كان هدفًا رائعًا بلا شك.

عرف جاكا بسمعة اللاعب المتهور، ولم يمض وقت طويل حتى أثبت صدق ذلك. تلقى بطاقتين حمراء، خلال أول ستة أشهر كلاعب في آرسنال، وبعد طرده الثاني في مباراة ضد بيرنلي، فاجأ فينجر الجميع، بالاعتراف الكامل بأن اللاعب الدفاعي الذي أُنفق الكثير من المال عليه، لا يستطيع التدخل بشكل صحيح.

فقال مدرب آرسنال:" إنه ليس من اللاعبين الماهرين في التدخلات، من حيث صنع القرارات، فهو ذكي إلى حد ما على أرض الملعب. ولكن الطريقة التي يستخدمها في التدخلات غير مقنعة حقًا. إنه لا يجيد تقنية التدخل بشكل جيد. أشجعه على عدم التدخل والبقاء على قدميه".

كان الموسم الأول لجاكا في إنجلترا أكثر تذبذبًا قليلاً، ولكنه انتهى بشكل رائع في ويمبلي. فلم يتوقع الكثيرون أن يحقق آرسنال أي فرصة، في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي ضد بطل الدوري تشيلسي، لكنهم فاجئوا الجميع بفوزهم الجدير بالثناء 2-1.

قدم جاكا أداءً ممتازًا في النهائي، ونجح في الفوز بأول بطولة كبيرة بقميص الجانرز.

بعد رحيل فينجر، وتولي أوناي إيمري المسؤولية، استمر تأثير جاكا في آرسنال في النمو. وأصبح جزءًا أساسيًا من الفريق، حتى وإن كانت شعبيته بين الجماهير ليست عالية.

وشعر العديد من المشجعين، أن جاكا هو اللاعب الذي يرمز لتراجع آرسنال، بسبب سلسلة الأخطاء البارزة التي ارتكبها خلال فترته في النادي. ولكن إيمري قدره بشكل كبير، وتم تأكيد ذلك عندما اختاره كقائد الفريق لموسم 2019-2020.

ازدادت العلاقة غير المريحة بين جاكا وجماهير آرسنال، بشكل مروع خلال مباراة ضد كريستال بالاس في ملعب الإمارات، في أكتوبر 2019. فهتف المشجعون بغضب على اللاعب أثناء خروجه ببطء من الملعب، بعد استبداله في الشوط الثاني لمباراة شهدت إضاعة الجانرز لتقدمهم بهدفين.

ورد جاكا على صيحات الاستهجان بالإشارات الغاضبة إلى الجماهير، وبوضوح يمكن رؤيته وهو يسب المشجعين، في ذلك الوقت، بدا أنه لا يوجد طريق للعودة بالنسبة للسويسري. افترض الجميع أنه لن يلعب مرة أخرى مع آرسنال.

بعد حادثة مباراة كريستال بالاس، قام إيمري بسحب شارة القيادة من جاكا، بعد بضعة أسابيع فقط من تسليمها له. كان هذا القرار يسبب الحزن الشديد للاعب، الذي شعر أنه تم تخلى عنه من قبل الإدارة والنادي.

وتم تعيين أوباميانج، كقائد جديد بدلاً منه.

كان جاكا مصممًا على المغادرة، خلال فترة الانتقالات في يناير 2020. على الرغم من أن إيمري بدأ في إدماجه مرة أخرى مع الفريق، بعد الحادثة التي وقعت ضد بالاس، إلا أن لاعب الوسط قرر العودة إلى ألمانيا.

وتم الاتفاق على الانتقال إلى هيرتا برلين، لكن جاء ميكيل أرتيتا، محل إيمري، وكان عازمًا على الاحتفاظ بجاكا في النادي. أجرى المدرب الجديد محادثات مع لاعب الوسط، وعلى الفور وأقنعه بالبقاء حتى نهاية الموسم على الأقل.

بعد الموافقة على البقاء، أصبح جاكا لاعبًا مهمًا جدًا تحت قيادة أرتيتا، وبدأ يقدم أداءً ممتازًا. بدا سعيدًا مرة أخرى، وكان أداءه مساهمًا، بشكل كبير لفوز آرسنال بكأس الاتحاد الإنجليزي.

وكان جاكا رائعًا خلال تلك المسيرة، حتى وصوله إلى ويمبلي وقدم عرضًا رائعًا في المباراة النهائية، حيث تم التغلب على تشيلسي بنتيجة 2-1. بعد ما مر به في منتصف الموسم، وكان من المدهش رؤيته ينهي الموسم وهو لا يزال يرتدي قميص آرسنال، وبيده كأس البطولة.

كانت هناك فرصة قوية لرحيل جاكا عن الجانرز في صيف عام 2021، حيث كان جوزيه مورينيو حريصًا على ضمه لروما. وكان آرسنال مستعدًا للسماح له بالمغادرة، في حال وجود عرض مناسب.

ولكن عندما فشل روما في تحقيق المبلغ الذي رغبوا فيه، قرر آرسنال بدلاً من ذلك تقديم عقد جديد لوسط الميدان، مما يُظهر أنهم لا يزالون يقدرونه بشدة.

كان موسم 2021-2022 جيدًا بالنسبة لجاكا. بينما تقدم الموسم، بدا وكأنه لاعب جديد تحت قيادة أرتيتا، حيث لعب دورًا أكثر تقدمًا مما كان يعمل عليه في آرسنال.

وكانت شعبيته بين الجماهير تتزايد، وصنع لحظة خاصة، عندما سجل هدفًا رائعًا ليؤكد الفوز 3-1 على مانشستر يونايتد في ملعب الإمارات. كانت هذه الضربة هي التي اختارها الجمهور كهدف الموسم.

عندما لعب آرسنال ببورنموث في بداية موسم 2022-2023، حدثت لحظة في الشوط الثاني، عندما تمكنت جماهير الفريق الضيف من هتاف اسم جاكا. كانت هذه اللحظة ملحوظة لأنها لم تحدث من قبل، وهي إشارة واضحة على كيفية تحوله في شمال لندن.

ثم في المباراة التي جرت ضد برينتفورد في سبتمبر، تكررت الهتافات مرارًا وتكرارًا بصوت عالٍ وواضح.

وقال جاكا بعد المباراة:" لم أكن أفكر أبدًا أن هذا سيحدث، أن أكون أمام هؤلاء الجماهير بعد ما حدث قبل ثلاث سنوات، كانت لحظة مؤثرة جدًا".

كان يستمتع جاكا بموسم أحلامه، قبل مباراة ديربي الشمال في أكتوبر. ولكن الأمور تحسنت أكثر عندما سجل الهدف الثالث الحاسم لآرسنال، في الفوز على منافسه اللدود توتنهام بنتيجة 3-1 في ملعب الإمارات الصاخب.

وبتسديدة من حافة منطقة الجزاء وأمام المدرج الشمالي، بقي جاكا واقفًا هناك يستلم تحية الجماهير. إنها لحظة خاصة.

على الرغم من فشل آرسنال في الوصول إلى لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، إلا أن هذا الموسم كان موسم انتصار لجاكا. قصة مصالحة الجماهير كانت واحدة من أبرز أحداث هذا الموسم المذهل، ويبدو أنه سيحصل على وداع مؤثر من الجماهير بعد المباراة ضد وولفرهامبتون يوم الأحد، يعكس ذلك مدى تحوله للأفضل.

فقد تحول من شخص كان يتعرض للانتقادات، إلى شخص يحظى بالاحتفاء، وهذا يعكس الكثير عن شخصيته، والموسم الرائع الذي استمتع به.