برشلونة في الدوري الإنجليزي .. ليونيل ميسي باق، ولا ديون، وعودة عسيرة!
ماذا لو؟
الجملة التي تفتح الباب للكثير من الخيال والتوقع، أحلام يتمنى البعض تحقيقها وتتوقف فقط على كلمة ماذا لو؟
ماذا لو فاز فريقي المفضل باللقب؟ ماذا لو لم يغادر نجم فريقي المفضل؟ ماذا لو لم يعتزل هذا أو ذاك؟ ماذا لو لم يتألق غريمي التقليدي في عز تراجع مستوى فريقي؟
ولكن البعض يستخدم ماذا لو للحديث فقط عن أمنيات وأحلام يرغب في تحقيقها، رغم أنّ السيناريو الافتراضي يمتلك الكثير من التصورات الأخرى.
اليوم، نأخذكم في رحلة جديدة لماذا لو؟ وهذه المرة نسأل، ماذا لو كان برشلونة ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز؟ هل كانت عودته ستكون سريعة كما حدث في الدوري الإسباني؟ أم أنه سيحتاج لسنوات طويلة ليقف على قدميه مثلما حدث مع ليفربول وآرسنال؟
اختيارات المحررين
- Getty
كيف بدأ الأزمة؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال علينا أولًا أن نعرف، كيف بدأت الأزمة؟
لم يكن برشلونة فريقًا يعاني من أزمات مالية طاحنة حتى فترة زمنية قصيرة، فشاهدنا هذا الفريق قبل 6 سنوات فقط يبدأ رحلته في شراء صفقات باهظة التكلفة مثل عثمان ديمبيلي وفيليبي كوتينيو ثم بعدها أنطوان جريزمان.
إذًا كيف بدأت الأزمة؟
المشكلة الرئيسية التي عانى منها برشلونة كانت مرتبطة بسقف الرواتب المرتفع للغاية، وهو السبب الذي دفع الفريق لجلب عدة صفقات والتفوق على منافسين، فقط بسبب الراتب المرتفع.
ورغم أنّ أزمة الرواتب كانت واضحة، لكن برشلونة حاول التقليل منها بصورة تدريجية في 2019، حتى جاءت حائجة كورونا لتدمر كل شيء.
برشلونة هنا احتاج لحلول سريعة لتجنب الدخول في أزمة مالية، وكان عليه القيام بتضحيات كبيرة على مستوى رواتب اللاعبين، لكنّه لم يتمكن من ذلك بصورة جيدة وبدلًا من حل الأزمة قرر ترحيل رواتب اللاعبين ليؤجل المشكلة فقط.
ومع تراكم الأمر، أصبحت الديون كثيرة.
لكن المشكلة الحقيقة جاءت حينما قررت رابطة أندية الدوري الإسباني أن تجعل قانون اللعب المالي النظيف الخاص بها ملزمًا، وطبّق خافيير تيباس القانون من الموسم التالي لكورونا وهو ما جعل النادي بحاجة لحلول سريعة متمثلة في بيع لاعبين في سوق الانتقالات وكان أهمهم ليونيل ميسي بالطبع.
- Getty Images
ميسي لن يرحل
وبعد أن عرفنا السبب الرئيسي وراء الأزمة المالية، أو كيف تفاقمت بهذه الصورة لتحول فريقًا منتعشًا اقتصاديًا، لآخر عاجز عن جلب صفقات بأريحية، دعونا نتخيل وضع برشلونة لو كان في الدوري الإنجليزي.
حتى لو ارتكب جوسيب ماريا بارتوميو الحماقات ذاتها، فلن يجد برشلونة أزمة كبيرة على المستوى الاقتصادي.
أولًا، الأوضاع في البريمييرليج على المستوى العوائد المالية رائع، ويستطيع برشلونة حل مشاكله فقط من حقوق البث وشركات الرعاية خاصة وهو يمتلك أحد أفضل اللاعبين عبر التاريخ – إن لم يكن الأفضل – وهو ليونيل ميسي.
كما أنّه لا يوجد حدود لسقف الرواتب في الدوري الإنجليزي، فبالتالي لن تكون هناك أزمة أصلًا.
برشلونة وقتها كان سيتجنب أصلًا الدخول في أزمة مالية، وحتى جائحة كورونا لم تكن لتؤثر عليه بهذا القدر، ولن يجد رابطة يقودها خافيير تيباس لتدقق في سجلاته بهذه الطريقة.
وبالتالي ليونيل ميسي مستمر وعقده سارٍ، والفريق لن يضطر للتخلي عن أي لاعب أو تجنب الدخول في أي صفقة نظرًا للأوضاع الاقتصادية، وهو ما يجعله قادرًا على تقوية القائمة والحفاظ على النجوم وشراء نجوم أخرين، مثلما حلم جوان لابورتا بجلب إرلينج هالاند على سبيل المثال.
-
- Getty Images
أكاديمية لا ماسيا تنهار
الجانب السلبي لهذا الأمر يتعلق بأكاديمية لا ماسيا.
فمع امتلاك برشلونة هذه القدرة الاقتصادية لربما لم يكن يضطر للجوء إلى أكاديميته بنفس القدر.
فلو حافظ برشلونة على نجومه أو حتى تعاقد مع أسماء رنانة، لما وجد لاعبون مثل جافي أو بيدري أو بالدي أو فاتي أو رونالد أراوخو المساحة الكافية للمشاركة والظهور وبالتالي التطور.
ربما تحول برشلونة لفريق يشبه تشيلسي، يمتلك أكاديمية جيدة ولكنّه حولها لمصدر رئيسي للتحسن الاقتصادي ببيع اللاعبين الشباب أو حتى إعارتهم.
صحيح هناك أسماء مثل ماسون ماونت قد نجت من المقصلة، ولكن برشلونة يعتمد بصورة شبه دائمة على أكاديميته في الوقت الحالي، وهو الأمر الذي لن يكون مشابهًا حال لعب في البريمييرليج.
- Getty Images
ملاك وليس رؤساء
لا ننسى أيضًا أنّ برشلونة وقتها لن يكون ناديًا مملوكًا للجمعية العمومية، بل سيتحول إلى ملكية خاصة حاله كحال أندية الدوري الإنجليزي.
لا يهم إن كان يملكه مستثمر أمريكي أو عربي أو صيني، المهم أنّ الفريق سيكون خاضعًا لأهواء ورغبات هذا المستثمر، وهذا يفتح الباب للعديد من الاحتمالات.
أولها، أن يكون هذا المستثمر مثل مالك مانشستر سيتي، الشيخ منصور بن زايد، الذي يؤمن بالمشروع الرياضي واختار له مدربًا مثل بيب جوارديولا مع منحه صلاحيات شاملة وميزانية ضخمة.
أو يكون المستثمر مثل جون هنري، مالك ليفربول، الذي يؤمن بالداتا وقيمة استخدام الأرقام وبناء المشاريع طويلة الأمد، لكنّه لا يصرف بسخاء مثل مانشستر سيتي.
أو ربما مثل كرونكي مالك آرسنال الذي رفض صرف الأموال في أكثر من مناسبة ووضع الفريق في عدة ضوائق مالية.
أو مثل آل جليرز، ملاك مانشستر يونايتد، الذين احتاجوا لسنوات طويلة وضغط جماهيري ليتعاقدوا مع مدرب يبني مشروعًا بصلاحيات كبيرة.
في كل الأحوال لا أحد يعرف شكل المستثمر، ولكن الأكيد أنّ النادي سيصبح مضطرًا لاتباع سياسة ما حتى يقرر المالك تغييرها، وهو الأمر الذي يختلف عن الوقت الحالي.
فحينما رحل بارتوميو جاب لابورتا بأسلوب مختلف، وبعدها سيرحل لابورتا ويأتي رئيس آخر يأخذ الفريق في مسار – ربما – مختلف، وهكذا.
كما أنّ قوة الجمعية العمومية أجبرت بارتوميو على الاستقالة، ومن قبل أجبرت جاسبار على الاستقالة، وهذا أمر لا يحدث أبدًا مع فكرة الملكية الخاصة.
-
- Getty Images
عودة عسيرة
وأخيرًا، فلو افترضنا أنّ برشلونة عانى بالفعل من تراجع مستوى الفريق ورحيل نجمه ومر بنفس الظروف التي عانى منها النادي الكتالوني الموسم الماضي، ولكن كان وقتها في الدوري الإنجليزي.
هل كان سيعود في الموسم التالي فقط ليتصدر الترتيب بفارق 9 نقاط عن صاحب المركز الثاني؟
الحقيقة لن يكون الأمر سهلًا على الإطلاق، فبينما يعاني برشلونة اقتصاديًا في الوقت الحالي، فإن قوانين الليجا أثرت أيضًا على باقي الأندية منها ريال مدريد نفسه.
ولكن في الدوري الإنجليزي، لربما يحل برشلونة مشاكله الاقتصادية سريعًا ولكنه سيصطدم بفرق ومشاريع كبرى لديها ميزانية ضخمة وفائض غزير من اللاعبين.
ساعتها لن تكون المنافسة فقط ضد ريال مدريد وربما أتلتيكو مدريد، ولكن ضد مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول وتوتنهام وتشيلسي وحتى فرق تحسنت مؤخرًا مثل نيوكاسل يونايتد.
برشلونة – الذي يفضل اللعب على كل الجبهات – سيجد نفسه في مواجهات عديدة ومنافسات قوية ومباريات صعبة، ولو أنّ الجمهور متطلبًا بنفس الطريقة فسيصبح الأمر أكثر صعوبة.
حفاظ برشلونة على سجله المحلي بهذه الطريقة لن يكون سهلًا في البريمييرليج في ظل تفوق الأندية على المستوى الاقتصادي، وقدرة فرق صاعدة مثل نوتنجهام فورست على شراء نحو 20 لاعبًا في سوق انتقالات واحد، أو فريق مثل ساوثامبتون أن يصبح ثاني أكثر فريق ضمًا للاعبين في يناير الماضي ليتجنب الهبوط.
المنافسة لن تكون سهلة، والبقاء في القمة فترة طويلة أمر معقد في الدوري الإنجليزي.